لكن العلماء احتاجوا إلى تقريب هذه القواعد في مؤلفات خاصة، وليُعلم قبل هذا بأن أصول الفقه ليس خاصا بما يعرف بعلم الفقه، بالمسائل العملية المسماة بعلم الفقه، فأصول الفقه كما تستخرج منه الأحكام الفقهية، تستخرج منه أيضا الفوائد المتعلقة بالتفسير، والمتعلقة بالحديث، والمتعلقة بتأصيل بقية العلوم؛ ولذلك فإن علم المصطلح مثلا قد استند فيه إلى ما كتبه العلماء في علم الأصول، وقواعد التفسير وأصوله، استند فيه العلماء على قواعد أصول الفقه، فحينئذ نقول: لا اختصاص لعلم الأصول بالفقه، بل جميع علوم الشريعة تستند على قواعد الأصول.
فإن قال قائل: لماذا خص العلماء هذا العلم بالفقه، فقالوا: علم أصول الفقه ؟ فقيل في هذا وجهان:
الوجه الأول: أن المراد بالفقه هنا جميع علوم الشريعة، كما قال تعالى: ﴿ * وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ ×pxےح !$sغ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ﴾ (١) فالمراد هنا بالتفقه في الدين، ليس علم الفقه الخاص، وإنما المراد به جميع علوم الشريعة، العقيدة الفقه التفسير الحديث؛ ولذلك قال الإمام أبو حنيفة في تفسير: المراد بكلمة الفقه، قال: هو معرفة النفس ما لها وما عليها، وهذا يشمل جميع العلوم.
والوجه الثاني: في هذا إنكار هذه التسمية، كما قاله طائفة من الحنفية وغيرهم، وقالوا: لا يصح أن يسمى هذا العلم أصول الفقه، وقرروا بناء على ذلك أنه ينبغي إطلاق هذا العلم، فيقال: علم الأصول، قالوا: ولذلك نجد كثيرا من العلماء يقولون في مؤلفاتهم، المصقول في علم الأصول وهكذا.