وجاء في حديث عائشة -رضي الله عنها-: " أن النبي - ﷺ - كان يقول في ركوعه: سبحانك... الحديث. قالت: كان يتأول القرآن " ؛ يعني يفعل حقيقة ما ورد في القرآن. فهذا هو المراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة.
المعنى الثاني من معاني التأويل: ما ذكره المؤلف بقوله: "وعند السلف"، هذا هو المعنى الثاني، إطلاق لفظ التأويل مرادا به التفسير، ولذلك مثلا يجدون عند ابن جرير في التفسير، في تأويل آي القرآن، "جامع البيان في تأويل القرآن"؛ بمعنى تفسيرها، وتجدون في التفاسير باب تأويل قول الله تعالى... بمعنى تفسيره.
ومن أوائل من عرف استعمال لفظ التأويل، في مثل هذا: أبو عبيد، ونظراؤه، وأخلاق التأويل على التفسير، سواء كان بحمل اللفظ على ظاهره، والمعنى الراجح، أو بحمله على المعنى المرجوح.
المعنى الثالث من معاني لفظ التأويل: ما ذكره المؤلف بقوله :"وعند المتأخرين من المتكلمة والمتفقهة"، هذا هو المعنى الثالث من معاني التأويل، وقوله عند المتأخرين، يخالف المتقدمين من السلف، ونحوهم.
"من المتكلمة"؛ إذا أطلق هذا اللفظ، فيراد به المتحدثون في العقائد، فلفظ الكلام، وعلم الكلام مشترك بين معنيين:
المعنى الأول: إطلاقه على العقائد، ولذلك يقال: علم الكلام، كما ذكره ابن أبى العز في مقدمة شرح الطحاوية.
والثاني: إطلاق لفظ الكلام، مرادا به البحث في العقائد على أصول، تخالف مقتضيات الشرع، سواءً بناء على آراء الفلاسفة اليونان، ونحوهم، أو على العقل، ونحو ذلك؛ بحيث يُترك تقرير الكتاب، والسنة في مباحث العقائد، بناءً على قولهم بأنها لا تفيد اليقين، أو بناء على قولهم بأن الشيء لا يصح بأن يثبت نفسه.
وعلم الكلام المزعوم عند السلف، يراد به المعنى الثاني، دون المعنى الأول.