يكون تأويلا صحيحا، لو جاءنا إنسان، وقال بأن قوله -سبحانه-: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ (١) هذا يراد به عوام الناس دون خواصهم، فأهل اليقين، وأهل المنزلة العالية، هؤلاء لا يطالبون بالصلاة، قوله: "أقيموا"؛ الواو: واو الجماعة، الأصل فيها أن تكون دالة على العموم، فقولنا بأن هذا اللفظ، يراد به البعض دون الجميع، يراد به غير أهل اليقين، يكون هذا تأويلا. لماذا؟ لأننا صرفنا هذا اللفظ عن المعنى الراجح، وهو العموم والاستغراق إلي المعنى المرجوح، وهو أن يكون لبعض الألفاظ دون الجميع.
هنا هل يوجد مع هذا القائل دليل، أو لا يوجد؟ يوجد، أولا يوجد؟ لا يوجد. فحينئذ، يكون هذا تأويلا فاسدا.
قال قائل آخر: "أقيموا الصلاة"، نستثني منها الحائض، فصرف اللفظ عن ظاهره، وهو العموم والاستغراق، بأن جعله على بعض الأفراد دون الجميع.
هذا تأويل على حسب الاصطلاح الثالث، هل مع هذا القائل دليل، أو ليس معه دليل؟ معه دليل؛ فيكون تأويلا صحيحا.
قال: "أو حمل ظاهر"؛ يعني هذا هو نفس الاصطلاح الثالث، في بيان معنى التأويل، حمل اللفظ الظاهر على المعنى المرجوح المكتمل، فلم يذكر معه كلمة بدليل يقترن به، ليكون التأويل شاملا للتأويل الصحيح، والتأويل الباطل، ثم ذكر بعد ذلك المؤلف أمثلة للتأويل الباطل، قال: "ومتأولة القرامطة، والباطنية للإخبار"، فهم يقولون: إن ما ذكره الله - عز وجل - من الجنة والنار، هذا ليس المراد به الحقيقة، وظاهره فلا يوجد هناك جنة، ولا يوجد هناك نار، وإنما المراد تخويف النفوس، من أجل أن تلتزم بالطاعة، وإلا فليس هناك جنة، ولا نار، هذا قول القرامطة والباطنية. قال:
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ