"والأوامر"؛ مثل أمره بالصلاة، وأمره بالزكاة، والحج، والصوم، هذه تأولها القرامطة، فيقولون: الصلاة ليس المراد بها الصلاة التي تفعلونها بأفعال وأقوال، تبتدئونها بالتكبير، وتختمونها بالتسليم، وإنما المراد ذكر الأئمة، فمن ذكره الأئمة، فإنه قد صلى، والصوم المراد به حفظ الأسرار، فمن حفظ أسرارنا؛ فقد صام، وليس المراد به الإمساك عن المفطرات؛ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا مَن يقوله؟ القرامطة، والباطنية. هذا تأويل لماذا؟ لأنهم صرفوا اللفظ عن ظاهره.
ظاهر قوله: الجنة والنار، أن هناك جنة، ونارا، وظاهر قوله: الصلاة، والصيام، والزكاة، أن هذه الأفعال مرادة لذاتها، فحينئذ إذا صرفوها من ظواهرها، فتكون هذا تأويلا؛ بحسب المعنى الثالث.
وهذا التأويل باطل لماذا؟ لأنه غير مستند إلى دليل.
قوله هنا: "والفلاسفة"؛ يعنى وما تأولته الفلاسفة.
"للإخبار عن الله"، فهم يقولون: ما ورد من الأخبار في حق الله -سبحانه وتعالى- ليس على ظاهره، فينفون الأخبار المتعلقة بالله -سبحانه وتعالى- من جهة وجوده، لأنهم يقولون بقدم العالم، وأن العالم يشاركون الله في القدم، أو يقولون بالعقول العشرة، فهم يقولون: الأخبار الواردة في القرآن عن الله -سبحانه وتعالى- ليست على ظاهرها. هذا التأويل باطل مردود.
قال: "واليوم الآخر"، فالفلاسفة يتأولون اليوم الآخر، ولا يثبتون النار، ولا يثبتون يوم الجزاء، والبعث، وما ورد من النصوص في الكتاب، والسنة عن اليوم الآخر، يتأولونها؛ فيجعلون المراد بها خلاف ظاهرها.
قال: "والجهمية"؛ يعني أن الجهمية كذلك، ورد منهم تأويل لبعض النصوص الشرعية، بصرف هذه النصوص عن ظواهرها، "والمعتزلة، وغيرهم"، في بعض ما جاء في اليوم الآخر. فهؤلاء لا يؤولون جميع ما جاء في اليوم الآخر، وإنما يؤولون البعض.


الصفحة التالية
Icon