فمثلا، يقولون: ليس هناك حوض، وما ورد من النصوص ليس المراد به الحوض المعروف، ولا يثبتون الصراط، ولا يثبتون الشفاعة، ويفسرون الألفاظ الواردة بهذه الأشياء بخلاف مقتضاها في اللغة.
وكذلك آيات القدر، الدالة على أن الله شاء أفعال العباد، قال -سبحانه-: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ (١) يقولون: ليس المراد به ظاهره، فينفون مشيئة الله، وخلقه لأفعال العباد، وفي قوله سبحانه: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ (٢)،
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قالوا: إن أفعال العباد لا تدخل في هذه الآية، فهذا تأويل، لأنه صرف للفظ عن ظاهره، وفي قوله سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) ﴾ (٣).
قال: "وآيات الصفات"؛ يعني أن الجهمية، والمعتزلة يؤولون آيات الصفات، ويجعلون ظاهرها غير مراد، فينفون صفات الله. فهذا من التأويل على وفق المعنى الثالث، عند المتأخرين. قالوا: وهذا التأويل غير مستند إلى دليل، فيكون تأويلا فاسدا، باطلا، وحينئذ يكون من باب تحريف الكلم عن مواضعه. والتحريف -كما تقدم- هو الميل بالشيء عن الطريق المستقيم. والكلم المراد به الكلام عن مواضعه؛ يعنى عن المعاني التي أرادها الشارع.
وفي الحقيقة أن فعل هؤلاء لم يرد على النصوص الظاهرة، وإنما ورد على النصوص القطعية، المجزوم بمعانيها، وحينئذ، حتى على المعنى الثالث، لا يصح أن تسمى تأويلا؛ لأن التأويل على المعنى الثالث، صرف اللفظ عن ظاهره، وهذه المعاني ليست ظواهر في هذه الألفاظ، وإنما هي نصوص في معانيها.

(١) - سورة الإنسان آية : ٣٠.
(٢) - سورة الرعد آية : ١٦.
(٣) - سورة الصافات آية : ٩٦.


الصفحة التالية
Icon