إذا تقرر لنا شيء من الفروق، بين الحقيقة والمجاز، نقرر: هل يوجد في القرآن مجاز، أو ليس في القرآن مجاز؟ ينسب إلى الأكثرين، ويراد به أكثر المتأخرين، أن القرآن فيه مجاز، ويستدلون على ذلك بما ورد في النصوص، من استعمال ألفاظ في غير ما وضعت له، مثل قوله تعالى: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ﴾ (١) يعني المراد به: محبة العجل.
وقوله سبحانه: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ (٢) ؛ يعني أهل القرية.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويستدلون على ذلك ثانيا، بأن المجاز: استعمال لغوى، والقرآن قد جاء بلغة العرب، فيكون المجاز موجودا فيه. وهذا الاستدلال فيه ضعف بيّن؛ وذلك لأن القرآن لم يحتوِ على جميع أساليب العرب.
والقول الثاني بنفي المجاز في القرآن، وقد اختاره جماعات من العلماء؛ منهم: الظاهرية، وبعض المالكية، كابن *خويز منداد، ومحمد بن سعيد البويطي، وبعض الشافعية، واستدلوا على ذلك بأن القرآن يجب الإيمان به، والمجاز يجوز نفيه، والقرآن لا يصح نفي شيء منه، ودل ذلك على أن القرآن ليس فيه مجاز، إذا وجد فيه مجاز، لجاز نفيه، واستدلوا على ذلك أيضا بأن القرآن كله حق، وحينئذ لا يمكن أن يقال فيه ما ليس بحقيقة.

(١) - سورة البقرة آية : ٩٣.
(٢) - سورة يوسف آية : ٨٢.


الصفحة التالية
Icon