أولاً : لا يلزم من الطالب - الذي يريد أن يقرأ رواية حفص - حفظ متني " التحفة والجزرية " حتى يأخذ السند، وإن أنكرتم ذلك ؛ فكيف كان حال الذين يَقْرءون القرآن على شيوخهم قبل " الشاطبي ابن الجزري والجمزوري " ؟، وكذا نقول في القراءات السبع والعشر : لا يلزم من الطالب حفظ المتن فيهما ؛ بل الذي يلزمه : أن يؤدي الرواية أو القراءة تأدية صحيحة على شيخه من حيث " الأصول والفرش" ؛ لذا قال ابن الجزري - رحمه الله - في منجد المقرئين ص ٥٣ :
"ويلزمه أيضا أن يحفظ كتاباً مشتملاً على ما يقريء به من القراءات أصولا وفرشا، وإلا دخله الوهم والغلط فى كثير" ا. هـ
إذاً المهم هو: أن يقرأ الطالب الرواية أو القراءة قراءة صحيحة، دون الرجوع أو الالتزام بمتن معين، وإن كان حفظ المتن أفضل وأوثق وأسرع في استحضار المعلومة ؛ لذا قالوا :" من حفظ المتون حاز الفنون ".
إذاً قبل " الشاطبي وابن الجزري والجمزوري " وغيرهم كانوا يقرءون ويُقْرِئُون بمضمن ما كان عندهم أو عند من سبقهم من العلماء : ككتب أبي عمرو الداني، ومكي بن أبي طالب، والمرعشيِّ، والقرطبي، وغيرهم.
وعلى هذا : فمن أُجِيز في رواية حفص من غير حفظ" للتحفة والجزرية " ؛ فإجازته عند أهل العلم صحيحة مقبولة ؛ إلا أنه لا يقال : إنه أجيز في" التحفة و الجزرية"؛ لأن المتن تأليف خاص بمؤلفه، فلا يخلط سند القرآن بسند المتن( (١)

(١) وهذا بالضبط : كمن تعلم العقيدة أو أي مادة علمية أخرى على شيخه دون كتاب ولا متن معين، ثم يأتي ويقول : أنا تعلمت على يد شيخي العقيدة، فأنا مجاز في " الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد، ولمعة الاعتقاد والواسطية والطحاوية، وربما يقول : أنا مجاز في كل كتب العقيدة، فهذا لا شك فيه أنه أخطأَ ؛ لأن متن " الأصول الثلاثة.. وغيره " له سند خاص بمؤلفه متصل إليه من خلال من أخذ منه، وكذلك بقية الكتب والمتون في العقيدة والفقه واللغة والتفسير والحديث.


الصفحة التالية
Icon