قوله :"ذي الكمال " : هذه اللفظة من المجمل الذي يحتاج إلى تفصيل ؛ فإن كان يقصد بـ "الكمال " : الكمال النسبي ؛ فهذا لا شيء فيه ؛ وإن كان يقصد الكمال التام المطلق في العلم وغيره، فهذا خطأ عقدي كبير، ولا يجوز ذلك إلا في حق الله، وهذا هو مراد الشيخ الجمزوري - رحمه الله - حيث قال في كتابه " فتح الأقفال" : ذي الكمال: أي التمام في الذات والصفات وسائر الأحوال الظاهرة والباطنة فيما يرجع للخالق والمخلوق.
وللرد على ذلك إجمالاً أقول : هذا لا شك فيه أنه من الغلو والإفراط في المخلوق، حيث إن الكمال المطلق لا يكون إلا لله- سبحانه وتعالى - في الذات والصفات، فالله تبارك وتعالى لاينام ولا ينبغي له أن ينام، ولا يأكل ولا يشرب، لا ولد له ولا ندّ له ولا زوجة له ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )، فالله تعالى له صفات الكمال ولا يوصف بنقص على الإطلاق ؛ أمّا المخلوق : فهو العبد الضعيف الفقير المسكين الذي يأكل ويشرب ويتغوط ويتبول ويتزوج ويمرض ويموت، فأي فرق بين الخالق والمخلوق في الذات الصفات؟، نعم المخلوق له كمال ؛ ولكنه كمال نسبي ؛ لان الله هو الذي علمه، وهل يوجد إنسان على وجه الأرض يكون علمه تاماً أو كامل العلم ؟ الجواب : لا، قال تعالى :( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )، والكل يعلم قصة كليم الله موسى - عليه وعلى نيينا أفضل الصلاة والتسليم - لما نسب لنفسه العلم دون مرده إلى الله كيف فعل الله معه ؟ والقصة في سورة الكهف، ومعنى أننا نقول عن شيخ أو إنسان أنه كامل العلم : أنه لا يخطأ، وبالتالي يكون معصومَ الخطأ، وهذا خطأ كبير ؛ لذا نقول : إن الكمال المطلق التام لا يوصف به مخلوق البتة، حتى لا نسوِّي بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات ؛ لذا عدَّل بعض محققي النظم- من طلاب العلم - قول الناظم :