نشأ ابن الجزري في دمشق واشتغل بحفظ القران فأكمله في سنة ٧٦٤ هـ، وصلى به في السنة التي بعدها، وشرع ابن الجزري بعد حفظه القرآن بقراءة القراءات ودراسة كتبها علي علماء بلده، فقرأ علي الشيخ أبي محمد بن عبد الوهاب بن السلَّار (ت ٧٨٢ هـ )، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان (ت ٧٨٢ هـ )، والشيخ أحمد بن رجب (٧٧٥ هـ)، والشيخ أبي المعالي محمد بن أحمد اللَّبان (ت٧٧٦ هـ).
وفي سنة ٧٦٨ هـ رحل إلي بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج، وهذه أول رحلة له خارج بلاد الشام، واستفاد من وجوده هناك، فقرأ علي الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح (ت٧٨٥هـ) الخطيب والإمام بالمدينة الشريفة.
ثم رحل إلي مصر ثلاث رحلات الأولي سنة ٧٦٩ هـ، والثانية سنة ٧٧١ هـ، والثالثة سنة ٧٧٨ هـ.
والتقي ابن الجزري في هذه الرحلات بكبار علماء القراءات في القاهرة وقرأ عليهم منهم : الشيخ أبو بكر ابن عبد الله الشهير بالجندي (ت٧٦٩ هـ)، والعلامة أبو عبد الله محمد بن الصائغ (ت ٧٧٦ هـ)، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن البغدادي (ت٧٨١ هـ)، والشيخ عبد الرحمن القرويُّ(ت ٧٨٨هـ)، والشيخ أحمد بن إسماعيل بن أحمد المقدسيُّ (ت٧٧٣هـ)، ودرس الحديث، والفقه، والأصول، والمعاني، والبيان، وسافر إلي الإسكندرية في رحلته الثالثة، وقرأ علي من كان فيها من الشيوخ.
ثم لم تنقطع صلته بمصر فرحل بأبنائه ليقرؤوا علي علماء الديار المصرية، فرحل بهم أولاً سنة ٧٨٨هـ، ورحل بهم أخري سنة ٧٩٢ هـ.
وظل يتردد علي الديار المصرية حتى كانت سنة ٧٩٨ هـ، فخرج منها إلي بلاد الروم (وهي تركيا اليوم ) فأقام بها سبع سنوات يُعلّم القراءات وعلوم القران والحديث وجمع عليه كثير من التلاميذ.