وقال: (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)، الثانية: نفى توهم المجاز فإنه يقال: طار فلان من أمر كذا إذا أسرع فيه، وطار الفرس إذا أسرع الجرى، الثالثة:
زيادة التعميم والاحاطة، كأنه قال جميع الدواب الدابة وجميع الطيور الطائرة.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ)
إلى أن قال: (فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إليه)
ومن جملة ما ذكر الدعاء فيه عذاب الساعة، وهو لا يكشف عن المشركين؟
قلنا: لم يجبرا عن الكشف مطلقاً بل مقيدا بشرط المشيئة.
وعذاب الساعة لو ساء كشفه عن المشركين لكشفه.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ)
كيف ذكر القول في الجملة الأولى والثالثة وترك ذكره في الجملة الثانية؟
قلنا: لما كان الإخبار بالغيب كثيراً ما يدعيه البشر كالكهنة والمنجمين وواضعى الملاحم، ثم أن كثيرا من الجهال يعتقدون صحة أقاويلهم ويعملون بمقتضى أخبارهم بالغ في سلبه عن نفسه بسلب حقيقته عنه بخلاف الألوهية والملكية، فإن انتفاءها عنه وعن


الصفحة التالية
Icon