غر هؤلاء دينهم حتى أقدموا على ثلاثة أمثالهم عدداً وأكثر، قال الله تعالى ردا على المنافقين، وتثبيتاً للمؤمنين: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
أى غالب القليل الضعيف على الكثير القوى، وبنصره عليه، في جميع أفعاله.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
ولم يقل بظالم وهو أبلغ في نفى الظلم عن ذاته المقدسة؟
قلنا: قد سبق هذا السؤال وجوابه في سورة آل عمران.
* * *
فإن قيل: قولو تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
وذلك إشارة إلى هلاك كفار مكة وآل فرعون، ولم تكن لهم حال مرضية غيروها؟
قلنا: كما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة نغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها وأسوأ، وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول إليهم عباد أصنام، فلما بعث الرسول إليهم بالآيات البينات فكذبوه وعادوه وسعوا في قتله غيروا حالهم إلى أسوأ منها، فغير الله تعالى ما أنعم به
عليهم من الامهال وعاجلهم بالعذاب.
* * *
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
بعد قوله: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ؟
قلنا: مراده أن يبين أن شر الكفار الذين كفروا، واستمروا على