تعالى: "بعضهم أولياء بعضى"
أي أنصارهم وأعوانهم في الدين، وكل واحدة من العبارتين صالحة للفريقين، إلا أنه يخص المنافقين بتلك
العبارة تكذيباً لهم في حلفهم السابق في قوله تعالى:
(وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) وتقريرا لقوله تعالى:
(وَمَا هُمْ مِنْكُمْ).
* * *
فإن قيل: أي فائدة في قوله تعالى: (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ) مع أن قوله تعالى: (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ) بوضع الظاهر موضع المضمر مغن عنه، كما قال تعالى: (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) من غير تكرار؟
قلنا: فائدته تصدير التشبيه بذم المشبه بهم باستمتاعهم بما أوتوا من حظوظ الدنيا، وأشتغالهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة، وطلب الفلاح في الآخرة، وتهجين حالهم، وتقبيح صفتهم ليكون التشبيه بعد ذلك أبلغ في ذم المشبهين بأولئك الأولين، كما تريد أن
تشبه بعض الظلمة على سماجة فعله فتقول: أنت مثل فرعون كان يقتل بغير حق، ويظلم ويعسف، وأنت تفعل مثل فعله، وأما قوله تعالى: (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) فإنه لما كان معطوفا على ما قبله وهو التشبيه المصدر بتلك المقدمة أغنى ذلك عن إعادة