فإن قيل: كيف قال: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). وصوم هذه الأمة ليس كصوم أمة موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام؟
قلنا: التشيه في أصل الصوم لا في كيفيته، أو في كيفية الإفطار، فإنه كان في أول الأمر الإفطار مباح من غروب الشمس إلى وقت النوم فقط، كما كان في صوم من قبلنا ثم نسخ بقوله تعالى:
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
أو في العدد أيضاً على ما روى عن ابن عباس أنه فرض على النصارى صوم رمضان بعينه، فقدموا عشرة وأخروا عشرة لئلا يقع في الصيف، وجبروا التقديم والتأخير بزيادة عشرين فصار صومهم خمسين يوماً بين الصيف والشتاء.
* * *
فإن قيل: ما فائدة قوله: (وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى). بعد قوله: (هُدًى لِلنَّاسِ) ؟
قلنا: ذكر أولاً أنه هدى ثم ذكر أنه بينات من جملة ما هدى الله به عبيده، وفرق به بين الحق والباطل من الكتب السماوية الهادية الفارقة بين الحق والباطل فلا تكرار.