ورأفته بمن بعث إليهم، كما وصفه الله تعالي بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ... الآية) وفى إظهار النبى ﷺ الرحمة والرأفة لطيف لأمته، وحث لهم على التراحم، وشفقة بعضهم على بعض وهذا دأب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والمغفرة والرحمة إنما تكون للمسيئين لا للمحسنين؟
قلنا: معناه والله غفور رحيم للمسيئين إذا تابوا، فهو متعلق بمحذوف لا بالمحسنين، لأنهم قد سدوا بإحسانهم طريق العقاب والذم، فليس عليهم سبيل فيهما، الثانى: أن المحسن من الناس وإن تناهى في إحسانه لا يخلوا عن إساءة بينه وبين الله تعالى أوبينه وبين الناس لكنه إذا أحسن باجتناب الكبائر غفر الله له صغائر سيئاته ورحمه كما قال تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ... الآية).
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ)
أى سيعلم لأن ألسين للاستقبال، والرؤية من الله تعالى بمعنى العلم، والله تعالى