فإن قيل: هو كان رسولا ولم يظهر معجزة، ولهذا قال له قومه: (يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ) فبأى شيء لزمتهم رسالته؟
قلنا: إنما يحتاج إلى المعجزة من الرسل من يكون صاحب شريعة لتنقاد أمته إلى شريعته، فان في كل شريعة أحكام غير معقولة، فيحتاج الرسول الآتى بها إلى معجزة تشهد بصدقه، فأما الرسول الذي لا تكون له شريعة، ولا يأمر إلا بالعقليات فلا يحتاج إلى معجزة، لأن الناس ينقادون إلى ما يأمرهم به لموافقته للعقل، وهو كان كذلك، الثانى: أنه نقل أن معجزة هود كانت الريح الصرصر
فإنها كانت مسخرة له.
* * *
فإن قيل: على الوجه الأول لو كان أمره لهم مقصورا على العقليات لما خالفوه وكذبوه ونسبوه إلى الجنون بقولهم: (يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ... الآية) ؟
قلنا: إنما صدر ذلك القول من قاصرى العقول والمعاندين
والمكابرين كما قيل ذلك لكل رسول بعد اتيانه بالمعجزات
الظاهرات والآيات الباهرات.
* * *
فإن قيل: هلا قيل أنى أشهد الله وأشهدكم لتتناسب الجملتان؟