شقى ومنهم سعيد وهذا يقتضى أن يكون الشقى بعض الناس، والسعيد بعض الناس، والأمر كذلك، ولا يقتضى أن يكون الشقى والسعيد كلاهما بعض الناس، بل كل واحد منهما بعض، وكلاهما كل كما تقول: من الحيوان إنسان، ومن الحيوان غير إنسان، وكل الحيوان إما إنسان أو غير إنسان.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)
وأراد به بيان دوام الخلود، لأن أهل الجنة وأهل النار مخلدون فيهما خلودا لا نهاية له. والسموات والأرض دوامهما منقطع، لأنهما يوم القيامة تنهدمان، قال الله تعالى: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)
وقال: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) وقال: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) ونظائره كثيرة مما يدل على خراب
السموات والأرض؟
قلنا: للعرب في معنى الأبد ألفاظ منها هذا يقولون: لا أفعل كذا ما اختلف الليل والنهار، وما دامت السماء والأرض، وما أظلت الأبل، ويريدون بذلك لا أفعله أبدا مع قطع للنظر عن كون المؤقت به له نهاية أو لا نهاية له.
الثانى: أنه خاطبهم على معتقدهم أن السموات والأرض لا تزول ولا تتغير، الثالث: أنه أراد به كون الفريقين في قبورهم إما منعمين أو معذبين، كما جاء في الحديث: