سورة النحل
* * *
فإن قيل: لم قدمت الاراحة وهى مدخرة في الواقع على الروح وهو مقدم في الواقع في قوله تعالى: (حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) ؟
قلنا: لأن الأنعام في وقت الاراحة وهى وردها عشيا إلى المراح تكون أجمل وأحسن، لأنها تقبل ملأى البطون حاملة الضروع متهادية فى
مشيها يتبع بعضها بعضاً، بخلاف وقت السرح وهو إخراجها إلى المراعى، فإن كل هذه الأمور تكون على ضد ذلك.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) إن أريد به لم تكونوا بالغيه عليها إلا بشق الأنفس، فلا امتنان فيه وإن
أريد لم تكونوا بالغيه بدونها إلا بشق الأنفس، فهم لا يبلغون عليها أيضا إلا بشق الأنفس، وهو مشقتها فما فائدة ذلك؟
قلنا: معناه وتحمل أثقالكم إلى أجسامكم وأمتعتكم معكم إلى بلد بعيد قد علمتم أنكم لا تبلغونه بدونها بأنفسكم من غير أمتعتكم إلا بجهد ومشقة، فكيف لو حملتم أمتعتكم على ظهوركم؟
والمراد بالمشقة: المشقة التى تنشأ من المشي، أو من المشي من الحمل على الظهر لا مطلق مشقة السفر، وهذا مخصوص بحال فقد الإبل، فظهر فائدة
ذلك.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا)
بقتضى حرمة أكل لحم الخيل، كما اقتضاها في البغال والحمير، من حيث إنه لم ينص على منفعة أخرى فيها غير الركوب والزينة،