رشائش حى وأنسل من المكتل وسلك في البحر، ويوشع يراه، وكان موسى قد ذهب لقضاء حاجة فعزم يوشع أن يخبره بما رأى من أمر الحوت، فلما جاء موسى نسى أن يخبره، ونسى موسى تفقد الحوت والسؤال عنه.
* * *
فإن قيل: هذا التفسير يدل على أن النسيان من يوشع أو منهما كان بعد حياة الحوت وذهابه في البحر، وظاهر الآية يدل على أن النسيان كان سابقاً على ذهابه في البحر متصلا ببلوغ مجمع البحرين لقوله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) ؟
قلنا: في الآية تقديم وتأخير تقديره: فلما بلقا مجمع بينهما اتخذ الحوت سبيله في البحر سرباً فنسيا حوتهما.
* * *
فإن قيل: كيف نسى يوشع مثل هذه الأعجوبة العظيمة في مدة يسيرة بل في لحظة، واستمر به النسيان يومه ذلك وليلته إلى وقت الغداء من اليوم الثانى، ومثل ذلك لا ينسى مع تطاول الزمان، كيف وقد كان الله تعالى جعل فقدان الحوت علامة لهما على وجدان
الخضر، على ما نقل أن موسى سأل الله تعالى علامة على موضع وجدانه، فأوحى الله إليه أن خذ معك حوتاً في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم؟
قلنا: سبب نسيانه أنه كان قد اعتاد مشاهدة المعجزات من موسى عليه الصلاة والسلام، واستأنس بها، فكان إلفه لمثلها من خوارق العادات سبباً لقلة اهتمامه بتلك الأعجوبة وعدم اكتراثه لها.


الصفحة التالية
Icon