قوله تعالى: " وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ " أنه كان وحياً بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام، وإنما المتفق عليه بين العلماء أن جبريل عليه الصلاة والسلام لم ينزل بوحى الرسالة على أمرأة لا بمطلق الوحى، وهنا لم ينزل على مويم بوحى الرسالة بل بالبشارة بالولد، ولهذا جاءها على صورة البشر: (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا).
* * *
فإن قيل: ما وجه قراءة الجمهور: (لأهب لك) والواهب للولد هو الله تعالى لا جبريل عليه الصلاة والسلام؟
قلنا: قال ابن الأنبارى: معناه إنما أنا رسول ربك يقول لك أرسلت لك رسولى إليك لأهب لك، فيكون حكاية عن الله تعالى لا من قول جبريل عليه الصلاة والسلام، فيكون فعل الهبة مستنداً إلى الله تعالى لا إليه، الثانى: أن معناه لأكون سبباً في هبة الولد بواسطة النفخ في الدرع، فالإضافة إليه بواسطة السببية.
* * *
فإن قيل: كيف قالت: (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) ولم يقل بغية مع أنه
وصف مؤنث؟
قلنا: قال ابن الأنبارى: لما كان هذا الوصف غالباً على النساء وقلما تقول العرب رجل بغى، ولم يلحقوا به علامة التأنيث إجراء مجرى حائض وعاقر، وقال الأزهرى: لا يقال رجل بغى بل هو مختص بالمؤنث، ولام الكلمة ياء يقال بغت تبغى، فهو فعول عند المبرد


الصفحة التالية
Icon