والعبادة، ولهذا اختار الأنبياء والأولياء والصديقون الفقر على الغنى.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
أى من يثق به فيما نابه كفاه الله شر ما أهمه، وقد رأينا كثيراً من الناس يتوكل على الله في بعض أموره وحوائجه ولا يكفيه الله همه؟
قلنا: محال أن يتوكل على الله حق التوكل ولا يكفيه همه، بل ربما قلق وضجر واستبطأ قضاء حاجته بقلبه أو بلسانه أيضا ففسد
توكله، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) أي نافذ حكمه، يبلغ ما يريده ولا يفوته (مراد) ولا يعجزه مطلوب، وبقوله تعالى: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) أي جعل لكل شيء من الفقر والغنى والمرض والصحة والشدة والرخاء ونحو ذلك أجلا ومنتهى ينتهى إليه لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
* * *
فإن قيل: كيف قوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) علقه بشكنا مع أن عدتهن ذلك سواء وجد شكنا أم لا؟
قلنا: المراد بالشك الجهل بمقدار عدة الآيسة والصغيرة، وإنما علقه به لأنه لما نزل بيان عدة ذوات الأقراء في سورة البقرة قال بعض
الصحابة رضى الله عنهم: قد بقى الكبار والصغار لا ندرى كم عدتهن، فنزلت هذه الآية على هذا السبب، فلذلك جاءت مقيدة