سورة النبأ
* * *
فإن قيل: كيف اتصل وارتبط قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) بما قبله؟
قلنا: لما كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه هو البعث والنشور
وكانوا ينكرونه، قيل لهم: ألم يخلق من وعد بالبعث والنشور هذه المخلوقات العظيمة العجيبة الدالة على كمال قدرته فما وجه إنكارهم
قدرته على البعث.
* * *
فإن قيل: لو كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه ما ذكرتم لما قال تعالى: (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)، لأن كفار مكة لم يختلفوا في أمر البعث، بل اتفقوا على إنكاره؟
قلنا: كان فيهم من يقطع القول بإنكاره، وفيهم من يشك فيه وبتردد فثبت الإختلاف (لأن) جهة الإختلاف لا تنحصر في الجزم
بإثباته والجزم بنفيه، الثانى: إن بعضهم صدق به فآمن، وبعضهم كذب به فبقى على كفره، فثبت الإختلاف الإثبات والنفى، الثالث: إن الضمير في "يتساءلون " وفى "هم " عائد إلى الفريقين من المسلمين
والمشركين، وكلهم كانوا يتساءلون عنه لعظم شأنه عندهم، فصدق به
المسلمون فأثبتوه، وكذب به المشركون فنفوه.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا) إن كان قوله تعالى: (اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا) هو جزاء الشرط فأين الشرط، وشاء وحده لا يصلح شرطاً لأنه لا يفيد دون ذكر مفعوله، وإن