مجموع الاختلاف اختلافا كثيرا.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا). استثني القليل على تقدير انتفاء الفضل والرحمة، مع أنه لولا فضله بالهداية والعصمة ورحمته لاتبع الكل الشيطان من غير استثناء؟
قلنا: الاسثناء راجع إلى ما تقدم تقديره أَذَاعُوا بِهِ إلا قليلا،
وقيل: لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا، وقيل: معناه: ولولا فضل الله عليكم بإرسال الرسول لأتبعتم الشيطان في الكفر والضلال إلا قليلا
منكم كانوا يهتدون بعقولهم إلى معرفة الله تعالى وتوحيده.
كما فعل قيس بن ساعدة ونحوه قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
فإن قيل: على الجواب الأخير إذ كان المراد أن من لوازم نفى الفضل والرحمة بالطريق الخاص، وهو الرسول اتباع الشيطان، ونفى
الفضل والرحمة بالطريق الخاص معلوم في حق الرسول لأنه لم
يرسل إليه رسول ومع هذا لم يتبع الشيطان؟
قلنا: لا نسلم أنه لم يرسل إليه رسول بل أرسل إليه الملك، وأنه رسول، الثانى: أن التقدير في الفضل والرحمة بتعيين الطريق
يكون في حق الأمة، أما في حق الرسل ومن آمن بغير رسول يكون
اللفظ باقياً على ظاهره.