فإن قيل: كيف قال في آخر قوله تعالى:
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ | الآية). (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) |
قلنا: نعم ولكن الضلال بعد ما ذكر من النعم أقبح، لأن قبح الكفر بقدر عظم النعمة المكفورة، فلذلك خصة بالذكر.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى)
ولم يقل ومن النصارى؟
قلنا: لأن هؤلاء كانوا كاذبين في دعواهم أنهم نصارى، وذلك أنهم إنما سموا أنفسهم نصارى ادعاء لنصرة الله تعالى، وهم الذين
قالوا لعيسى نحن أنصار الله، ثم اختلفوا بعده نسطوريه ويعقوبية وملكانية أنصارا للشيطان، فقال ذلك توبيخاً لهم.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
يعنى يتجاوز عن كثير مما كتمتموه من الكتاب فلا يظهره، ولا يبين
كتمانكم إياه، فكيف يجوز للنبى ﷺ أن يمسك عن إظهار حق كتموه مما في كتابهم؟