أبناء الله، فكيف أخبر الله تعالى عنهم يذلك؟
قلنا: المرادبقولهم أبناء الله خاصة الله، كما يقال أبناء الدنيا وأبناء الآخرة، وقيل: فيه إضمار تقديره أبناء أنبياء الله.
* * *
فإن قيل: كيف يصح الاحتجاج عليهم بقوله تعالى: (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) مع أنهم ينكرون تعذيبهم بذنوبهم، ويدعون أن ما يذنبون بالنهار يغفر بالليل، وما يذنبون بالليل يغفر بالنهار؟
قلنا: هم كانوا مقرين أنه يعذبهم أربعين يوماً، وهى مدة عبادتهم العجل في غيبة موسى عليه الصلاة والسلام لميقات ربه، ولذلك:) َقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً)
وقيل: أراد به العذاب الذي أوقعه ببعضهم في الدنيا من مسخهم قردة، كما فعل بأصحاب السبت وخسف الأرض بهم كما فعل بقارون، وهذا لا
ينكرونه، وعلى هذا الوجه يكون المضارع بمعنى الماضي في قوله: (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ) والإضافة إليهم بمعنى الإضافة إلى آبائهم، كأنه قال: فلم عذب آباءكم.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ)
إن أريد به يغفر لمن يشاء منكم أيها اليهود والنصارى، ويعذب من يشاء، يلزم جواز المغفرة لهم، وأنه غير جائز لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) وإن أريد


الصفحة التالية
Icon