قال أبو علي : ليس يخلو تعلق الأربعين ب الوعد من أن يكون على أنه ظرف أو مفعول ثان فلا يجوز أن يكون ظرفاً لأن الوعد ليس فيها كلها فيكون جواب كم ولا في بعضها فيكون كما يكون جواباً ل متى لأن جواب كم يكون عن الكل لأنك إذا قلت : كم رجلاً لقيت فالجواب : عشرين فأجاب عن الكل.
وجواب متى جواب البعض.
لأنك إذا قلت : متى رأيت يقال في جوابه : يوم الجمعة وهو بعض الأيام التي يدل عليه متى فإذا لم يكن ظرفاً كان انتصابه بوقوعه موقع المفعول الثاني والتقدير : واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أو تتمة أربعين ليلة فحذف المضاف كما تقول : اليوم خمسة عشر من الشهر أي تمامه.
ونظيره في الأعراف :" وواعدنا موسى ثلاثين ليلة " أي : انقضاء ثلاثين.
" وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة " والميقات هو الأربعون وإنما هو ميقات ووعد لما روى أن القديم سبحانه وتعالى وعده أن يكلمه على الطور.
فأما انتصاب الأربعين في قوله :" فتم ميقات ربه أربعين ليلة " فذلك كقولك : تم القوم عشرين رجلاً.
والمعنى : تم القوم معدودين هذا العدد.
وتم الميقات معدوداً هذا العدد.
فيكون عشرين حالاً كما أن معدودين كذلك.
ونظيره قوله تعالى :" وواعدناكم جانب الطور الأيمن " أي إتيان جانب الطور الأيمن فحذف المضاف الذي هو مفعول ثان وقام مقامه جانب.
وليس جانب ظرفاً لأنه مخصوص كقوله : فواعديه سرحتى مالك أي إتيان سرحتى مالك.
ومن ذلك قوله تعالى :" ثم اتخذتم العجل " أو صورته لأنهم لم يعبدوا العجل حقيقة من بعده أي من بعد خروجه.
وكذلك " ثم اتخذتم العجل من بعده " في رأس التسعين فإنه لم يكن فيه حياة كما يكون في العجل حقيقة بل كان صورة مموهة وصنعوه صورة العجل.
وقيل : من بعد إنجائنا إياكم.
نظيره :" ما تعبدون من بعدي " أي : من بعد وفاتي " ثم عفونا عنكم " أي عن عبادتكم العجل.
ومثله :" أتتخذنا هزواً " أي ذوي هزو.