ومثله من حذف المضاف قوله تعالى :" حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده " أي : عند جزاء عمله.
قال أبو علي في الآية : معنى " لم يجده شيئاً " لم يجده وجوداً فصار قوله شيئاً موضوعاً موضع المصدر ألا ترى أن التقدير لم يدركه فهو من وجدان الضالة التي هي رؤيتها وإدراكها.
وأما قوله تعالى :" ووجد الله عنده " فإن أبا إسحاق فسر الوجود ها هنا بما في الحديث من قول القائل : ذروني في الريح لعلى أضل الله أي : وجده فلم يضل عنه.
ويجوز قد أحاط بعلمه وأما قوله تعالى :" أو كظلمات في بحر لجى " فمعناه : أو كذى ظلمات ويدل على حذفه قوله تعالى :" إذا أخرج يده لم يكد يراها ".
والضمير الذي أضيف إليه يده يعود إلى المضاف المحذوف.
ومعنى : ذى ظلمات : أنه في ظلمات.
ومعنى " ظلمات بعضها فوق بعض " ظلمة البحر وظلمة الموج الذي فوق الموج وظلمة الليل.
وقوله تعالى :" فنادى في الظلمات " ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.
ويجوز أن يكون الالتقام كان في ليل فهذه ظلمات.
وقوله تعالى :" خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ".
قيل : من ظلمة بطن الأم والرحم والمشيمة عن ابن عباس.
وقيل : ظلمة صلب الأب ثم بطن الأم ثم الرحم.
فمن قرأ :" سحاب ظلمات " بالرفع أي : هذه ظلمات.
ومن جر ظلمات ونون سحاباً كان بدلاً من ظلمات الأولى ومن ذلك قوله تعالى :" سمعوا لها تغيظاً والمعنى على الصوت لأن التغيظ لا يسمع.
ومثله :" وقدمنا إلى ما عملوا من عمل " كقوله تعالى :" أضل أعمالهم " أي : جزاء أعمالهم كقوله تعالى :" على شئ مما كسبوا " أي : جزاء ما كسبوا.
ومثله :" إنما الحياة الدنيا " تقديره : إنما مثل متاع الحياة الدنيا كمثل ماء.
يدلك على ذلك قوله تعالى :" مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار ".
وقال :" مثل الفريقين كالأعمى " أي : كمثل الأعمى وكمثل السميع هل يستويان مثلا أي ذوي مثل.