وعن ابن عمر وابن مسعود أنهما كانا يحملان الآية على المس باليد وكانوا لا يبيحون التيمم للجنب فدل أن تأويل الآية بالإجماع ليس على التقديم والتأخير ولا يصار إلى التقديم والتأخير إلا بدليل قاطع يمنع من حمله على الظاهر على ما ذكرناه قبل في هذه الآي.
وكذلك قوله تعالى : بل الله فاعبد أي : فاعبد الله فقدم المفعول.
وأما قوله تعالى : واتبعوا ما تتلوا الشياطين فهو في نية التقديم و التأخير والتقدير : نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا ما تتلوا الشياطين فاتبعوا معطوف على وقوله : وما أنزل على الملكين في ما قولان : أحدهما : أنه بمعنى : الذي فيكن نصباً عطفاً على السحر على ما تتلو أو جراً بالعطف على ملك سليمان.
والثاني : أن يكون نفياً بالعطف على قوله : وما كفر سليمان أي : وما كفر سليمان على الملكين.
ويقال : إن سحرة اليهود زعموا أن الله تعالى أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان فأكذبهم الله بذلك فيكون التقدير : وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس ببابل هاروت وماروت فعلى هذا اختلفوا فيهما على ثلاثة أقوال : الأول : أن هاروت وماروت رجلان من سحرة أهل بابل تعلما السحر من الشياطين.
الثاني : أنهما شيطانان من مردة الشياطين خصا بالذكر من بينهم لتمردهما والسحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم ودقة أفهامهم لأن أفعال الحيوان مناسبة.
وقيل : إنهما ملكان من الملائكة أهبطهما الله على صورة الإنس لئلا ينفروا منهما.
وقيل : سبب هبوطهما أن الله تعالى : أهبطهما ليأمرا بالدين وينهيا عن السحر لأن السحر كثر في ذلك الزمان وانتشر.


الصفحة التالية
Icon