ومن ذلك قوله : فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير القول فيه : إن ذلك إشارة إلى النقر كأنه قال : فذلك النقر يومئذ يوم عسير أي : نقر يوم عسير فقوله يومئذ على هذا متعلق بذلك لأنه في المعنى مصدر وفيه معنى الفعل فلا يمتنع أن يعمل في الظرف كما عمل في الحال ويجوز أن يكون يومئذ ظرفاً لقوله يوم ويكون يومئذ بمنزلة حينئذ ولا يكون اليوم الذي يعنى به وضح النهار ويكون اليوم الموصوف بأنه عسير خلاف الليلة ويكون التقدير : فذلك اليوم يوم عسير حينئذ أي : ذلك اليوم يوم في ذلك الحين فيكون متعلقاً بمحذوف ولا يتعلق بعسير لأن ما قبل الموصوف لا تعمل فيه الصفة.
فأما إذا في قوله : فإذا نقر في الناقور فالعامل فيه المعنى الذي دل عليه قوله : يوم عسير تقديره : إذا نقر في الناقور عسر الأمر فصعب كما أن لا بشرى يومئذ يدل على يحزنون.
ومن ذلك قوله تعالى : ما ننسخ من آية وما تنفقوا من خير وما تفعلوا من خير وما يفتح الله للناس من رحمة وما أنفقتم من شيء كل هذا ما فيه منصوب بفعل الشرط الذي ومثله : أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى أيا منصوب بتدعو وتدعو منجزم به.
ومنهم من قال : إن أيا ينتصب بمضمر دون تدعو لأن تدعو معموله فلو نصبه وجب تقدير تقديمه.
وأما قوله : أي منقلب ينقلبون فالتقدير : أي انقلاب ينقلبون فمنقلب مصدر.
وأي مضاف إليه فيصير حكمه حكم المصدر فيعمل فيه ينقلبون.
ومن ذلك ما قيل في قوله تعالى : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة.
عن ابن بحر : إن فيه تقديماً وتأخيراً والتقدير : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها والله مقلب قلوبهم في حال أقسامهم وعالم منها بخلاف ما حلفوا عليه إذ هو مقلب القلوب والأبصار عالم بما في الضمير والظاهر وما يدريكم أنها إذا جاءت لا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة أي : قبل الآية التي طلبوها ونذرهم في طغيانهم يعمهون.