ولا تكون النفقة كالريح ولا كمثل الريح فإنما هو كلام فيه اتساع لمعرفة المخاطبين بالمعنى كقولهم : ما رأيت كاليوم رجلاً.
وقدره أبو علي مرة أخرى : كمثل إهلاك ريح أو فساد ريح.
وإن جعلت ما بمنزلة الذي كان التقدير مثل إفساد ما ينفقون وإتلاف ما ينفقون كمثل إتلاف ريح تقدر إضافة المصدر إلى المفعول في الأول وفي الثاني إلى الفاعل.
وقال في قوله تعالى :" إن تمسسكم حسنة تسؤهم " اللفظ على تسؤهم للحسنة والتقدير على وكذلك " يفرحوا بها " أي : بإصابتهم السيئة.
ومن ذلك قوله تعالى :" لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله " أي كإبطال الذي ينفق أو كإهلاك الذي ينفق.
ومن ذلك قوله تعالى :" لن ينال الله لحومها " أي : ينال ثواب الله " ولكن يناله التقوى " أي : ينال ثواب التقوى.
ومن ذلك قوله تعالى :" لا تكلف إلا نفسك " أي : قتال نفسك أو : جهاد نفسك.
وفي الأخرى :" وجاهدهم به جهاداً كبيراً " ألا ترى أن الإنسان لا يكلف العين وإنما يكلف معنى فيه كقول الأعشى : إلا كخارجة المكلف نفسه وابنى قبيصة أن أغيب ويشهدا والتقدير فيه شرة نفسه.
المعنى : والمتكلف شرة نفسه فحذف المضاف إليه كما حذف في الآية.
ومن ذلك قوله تعالى :" لست منهم في شيء " أي : من قتالهم في شئ نسختها سورة التوبة.
عن الكلبي.
وقيل : لست عن مخالطتهم في شيء.
نهى نبيه صلى الله عليه وآله عن مقاربتهم وأمره قال أبو علي : لست منهم كقوله : فإني لست منك للمبارأة.
وحمل الجار في شئ على أنه حال من الضمير في منهم على الوجوه كلها.
ومن ذلك قوله تعالى :" بشراكم اليوم جنات تجري " أي : دخول جنات فحذف المضاف.
وقال :" جزاؤهم عند ربهم جنات عدن " أي : دخول جنات كما أن قوله :" فجزاؤه جهنم " كذلك لأن جهنم والجنة عين فلا يكون حدثا.
ومن ذلك قوله تعالى :" فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله " أي : خلاف خروج رسول الله.


الصفحة التالية
Icon