فهذا ما قيل في تثقيل لما من هذه الآي الثلاث أعني قوله : وإن كل لما جميع وقوله : وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا وقوله : إن كل نفس لما عليها حافظ.
ويجوز أن يتأول على هذا الذي قيل من أن معنى لما ك إلا على أن يكون إن فيها هي النافية لا يمتنع ذلك في شيء منها.
فأما قوله : وإن كلا لما ليوفينهم فلا يجوز فيه هذا التأويل ولا يسوغ ألا ترى أنك لو قلت : إن زيداً إلا لمنطلق لم يكن لدخول إلا مساغ ولا مجاز.
فإن قال : أو ليس قد دخلت إلا بين المبتدأ وخبره في المعنى فيما حكاه سيبويه من قولهم : ليس الطيب إلا المسك وإن مثل ليس في دخولها على المبتدأ وخبره قيل.
إنه ذكر : أن قوماً يجرون ليس مجرى ما كما أجروها مجراها فقولهم : ليس الطيب إلا المسك كقولهم : ما الطيب إلا المسك ألا تراهم رفعوا المسك كما يرتفع خبر ما في نحو ذا ولم يتأول سيبويه ليس على أن فيه ضمير القصة والحديث لما كان لا يرى في هذا التأويل من إدخال إلا بين المبتدأ والخبر فلا مساغ لتثقيل لما في هذه الآية على انه يكون بمنزلة إلا.
فأما ما قاله الفراء من قوله : إن هي لمن ما ثم حذفت إحدى الميمات لكثرتهن فلا تخلو ما هذه التي قدرها هاهنا من أن تكون زائدة أو موصولة فلا يسهل أن تكون موصولة لأن التقدير يكون : لمن الذين هم جميع لدينا محضرون.
وقلت : قولي هم جميع لدينا صلة الذين والذين مع صلته بمنزلة اسم واحد في صلة من ومحضرون خبر ما الذي بمعنى الذي والاسم وخبره صلة من فقولك غير جائز لأن من على هذا لم يرجع من صلته إليه شيء فهذا التقدير في هذه الآية غير متأت.
وأما قوله : وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا فلا يجوز فيه ذلك أيضاً ألا ترى أنك إن قدرت ما زائدة كان المعنى : وزخرفاً وإن كل ذلك متاع الحياة الدنيا.
والزخرف وما قبله من المذكور لا يكون من في المعنى فلا يكون من المتاع.


الصفحة التالية
Icon