فعلى هذا وما يجري مجراه تحذف الصفة.
فأما إن عريت من الدلالة عليها من اللفظ أو الحال فإن حذفها لا يجوز ألا تراك لو قلت : وردنا البصرة فاجتزنا بالأبلة على رجل أو رأينا بستانا وسكت لم تفد بذلك شيئا لأن هذا ونحوه مما لا يعرى منه ذلك المكان وإنما المتوقع أن تصف من ذكرت وما ذكرت فإن لم تفعل كلفت علم ما لا يدل عليه وهو لغو من الحديث وتجوز في التكليف.
ومن ذلك ما يروى في الحديث :" لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ".
أي : لا صلاة كاملة أو فاضلة ونحو ذلك.
ومثله : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي عليه السلام.
باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية فمن ذلك قوله تعالى :" فإن كان له إخوةٌ فلأمه السدس ".
وأجمعوا غير ابن عباس أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس خلافا له فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة.
ومن ذلك قوله تعالى :" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " أي : يديهما.
ومن ذلك قوله :" إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " أي : قلباكما.
مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استتغناء بالمضاف إليه وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية.
وقالوا : كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع كقولك : ضربت رءوس الزيدين وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من رأسيهما كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع لأن التثنية جمع في المعنى لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ فهو يقع على القليل والكثير وأنشدوا : ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل طهور الترسين فأما قوله تعالى :" فلا أقسم برب المشارق والمغارب " فقيل : هو من هذا الباب لقوله :" رب ومعنى " رب المشرقين ورب المغربين " قيل : المشرقان : الشتاء والصيف وكذا المغربان.
عن ابن عباس.
وقيل.
مشرق الشمس والفجر ومغرب الشمس والشفق.


الصفحة التالية
Icon