فإن قلت ما تقول في مثل قول المتنبي : فليتك ترعاني وحيران معرضٌ لا يتصور أن يكون دنوه من حيران متمنًّى فإن ذلك لا يكون لأن المعنى في مثل هذا شبيه التوقيف نحو : ليتك ترعاني حين أعرض حيران وحين انتهيت إلى حيران ولا يكون ذلك إلا في الماضي الذي قد كان ووجد وكلامنا في المستقبل فهذه زيادة في آخر الكتاب تجئ على قول الفراء دون سيبويه وأصحابه من عطف الظاهر المجرور على المضمر المجرور يذهب إليه في عدة آي : منها قوله :" وصدٌّ عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجد الحرام " يحمل جر " المسجد " على الهاء.
ومنها قوله :" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " فيمن قرأها بالجر.
ومنها قوله :" قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم " ومنها قوله :" لا أملك إلا نفسي وأخي " يحمل " أخي " على الياء في " نفسي ".
ومنها قوله :" وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين " يحمل " من " على الكاف والميم.
ونحن ذكرنا الأجوبة في هذا الكتاب وأبطلنا مقالته أن سيبويه لا يجيز : بزيد و ك حتى تقول : وبك فأخذ هذا من ذاك ولأن حرف الجر لا ينفصل عن المجرور والتأكيد في هذا مخالف للعطف لأنه يجيز : مررت بك نفسك لأنه يجوز : مررت بنفسك ولا يجوز : مررت بك أنت وزيد حتى تقول : وبزيد فالتأكيد ب أنت : يخالف التأكيد بالنفس وللفراء أبياتٌ كلها محمولة على الضرورة.
قالوا : والتوكيد بالمضمر المجرور لا يحسن عطف الظاهر عليه كما حسن في المرفوع لأن المرفوع بالفعل قد يكون غير متصل بالفعل الرافع له الظاهر فيه وإنما استحسن التوكيد لأن التوكيد خارج عن الفعل فنصبوه بمنزلة الفاعل الذي ليس متصلا فيعطف عليه كما يعطف على ما ليس بمتصل من الفاعل والمجرور لا يكون إلا متصلا بالجار فلا يخرجه التوكيد إلى شبه ما ليس بمتصل.
http://www.al-eman.com/Islamlib/ - TOPالحادي والستون باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة


الصفحة التالية
Icon