فنرى سيبويه رجح في هذا الفصل رفع غير وإن كان هو محذوفا على حده تابعاً ل من المذكور.
والحديث ذو شجون جر هذا الحديث ما فيه تدافعٌ يدفع أحدهما صاحبه فمن ذلك هذا ما نقلته لك.
ومنه قوله تعالى :" إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم " يحرك هنا شيئان : الابتداء بالنكرة أو أن تقدر الجملة تقدير المفرد فتجعله مبتدأ وإن لم يكن في اللفظ فإما أن تقدر : الإنذار وترك الإنذار سواء أو تقدر : سواء عليهم الإنذار وتركه.
ولما كان هذا الكلام على هذا التجاذب قرأ من قرأ سورة يس :" وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم " فجعل " سواء دعاء كما كان ويل و ويح و ويس و جندلٌ وترب كذا.
ومما تجاذبه شيآن من هذا الجنس قوله تعالى :" ومن آياته يريكم البرق " فتحمله على حذف الموصوف أو على حذف أن وكلاهما عنده كما ترى إلا أن حذف الموصوف أكثر من حذف أن.
ومنه قوله تعالى :" وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا " إما أن تقدر : وممن حولكم من الأعراب منافقون مردوا ومن أهل المدينة أو تقدر : ومن أهل المدينة إن مردوا.
ومن ذلك قوله :" ليس كمثله شيء " إما أن تقدر ليس كصاحب صفته فتضمر المضاف أو تقدر زيادة الكاف.
فهذا مما تجاذبه الحذف والزيادة وكان الحذف أكثر من الزيادة ومثله :" فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به " باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم فمن ذلك قوله :" وهو بكل شيءٍ عليم " وقوله :" فهي كالحجارة ".
جعلوا الواو من قوله " وهو " والفاء من قوله " فهي " بمنزلة حرف من الكلمة فاستجازوا إسكان الهاء تشبيها ب فخذ و كبد لأن الفاء والواو لا ينفصلان منهما.
ومثله لام الأمر من قوله :" وليوفوا نذورهم وليطوفوا ".