وقيل في قوله :" وامسحوا برءوسكم وأرجلكم " : إن نصبه محمولا على الجار والمجرور ويراد بالمسح الغسل لأن مسح الرجلين لما كان محدودا بقوله " إلى الكعبين " حمل على الغسل.
وقيل : هو محمول على قوله :" فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ".
ومن ذلك قوله تعالى :" قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيما " ف " دينا " محمول على الجار والمجرور أي : هدانى دينا قيما.
وقيل فيه غير ذلك.
ومثله قوله :" وجاهدوا في الله " إلى قوله :" ملة أبيكم إبراهيم " أي : جاهدوا في دين الله ملة أبيكم هو محمول على موضع الجار والمجرور أي : هدانى.
وأما قوله :" قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده " ففي موضع " من " وجهان : الجر على لفظة " الله " والحمل على موضع الجار والمجرور أي : كفاك الله ومن عنده علم الكتاب.
وهذا قوله :" أولم يكف بربك أنه " يجوز في موضع " أن " الجر والرفع فالجر على اللفظ والرفع على موضع الجار والمجرور أي : ألم يكف ربك شهادة على كل شيء.
المتم السبعين باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله وقد تم الكلام فمن ذلك قوله تعالى :" وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ".
ف " بادى " الرأى منصوب بقوله " اتبعك " وهم لا يجيزون : ما أعطيت أحدا درهما إلا زيداً دينارا وجاز ذا ها هنا لأن " بادى " ظرف والظرف تعمل فيه رائحة الفعل.
وقيل : هو نصب على المصدر أي : ابتداء الرأى.
قلت : وذكر الأخفش هذه المسائل وفصل فيها فقال : لو قلت : أعطيت القوم الدراهم إلا عمراً الدرهم لم يجز ولكن يجوز في النفي : ما أعطيت القوم الدراهم إلا عمراً الدرهم : فيكون ذلك على البدل لأن البدل لا يحتاج إلى حرف فلا يعطف بحرف واحد شيئان منفصلان وكذلك سبيل إلا.


الصفحة التالية
Icon