ومنه قوله تعالى :" ولا تعزموا عقدة النكاح " أي : على عقدة النكاح لقوله : عزمت على إقامة ذي صباح ليوم ما يسود من يسود ومثله قوله تعالى :" وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله " التقدير : ما لنا في ألا نقاتل فحذف في.
وعن بعض الكوفيين : إنما دخلت أن لأن معناه : ما يمنعنا فلذلك دخلت أن لأن الكلام : مالك تفعل كذا وكذا.
قال أبو علي : والقول هو الأول.
وجه قول أبي الحسن إن أن لغو كإذن يكون لغواً كما تكون هي وكما تكون عوامل الأسماء لغوا ولا يمنعها كونها لغوا من العمل في معمولها كما لم تمتنع عوامل الأسماء كقوله تعالى :" فما منكم من أحد ".
فإن قال قائل : فهلا أجاز في لن أيضاً أجاز في أن كذلك فإن هذا لا يلزمه لأن أن أشد تصرفاً من لن وهي لذلك أحمل للتوسع وأجلد به.
ألا ترى أنها تدخل على الماضي والمستقبل وتدخل على أمثلة الأمر كقولك : كتبت إليه بأن قم وليس شئ من هذا في لن.
ألا ترى أنها تلزم المستقبل ولا تتجاوز عن ذلك إلا أن الوجه فيها مع ذلك ألا تكون ك إذن لأن إذن إذا وقع بعدها فعل الحال ألغيت ولم تعمل فيه وأن قد عملت هنا فلو كانت مثل إذن لوجب ألا تعمل فيما بعدها من الفعل كما لم تعمل إذن إذا كان الفعل الذي بعده فعل الحال ألا ترى أن الاسم في مالك قائماً ينتصب على الحال فكذلك الفعل بعد إذن هنا فعل حال فلو كانت أن ك إذن لوجب ألا تعمل في فعل الحال كما لم تعمل إذن فيه في نحو قولك : إذا حدثت بحديث : إذن أظنك كاذباً.
وأيضاً فلا يجوز أن تكون أن مثل إذن في أن تلغى كما تلغى إذن.
ألا ترى أن فيها من الاتساع أكثر مما في أن تقول : أنا أقوم إذن فلا توليه فعلا.
وتقول : إذن والله أقوم فتفصل بينه وبين الفعل.
والإلغاء سائغ فيه.
فإذا كان له من التصرف ما ليس لأن لم ينكر أن يجوز فيه الإلغاء فلا يجوز في أن لكون تصرفها أقل من تصرف إذن.
وجوز أبو الحسن أن يكون المعنى : وما لنا في ألا نقاتل.