وهذا أوضح ويكون أن مع حرف الجر في موضع النصب على الحال كقوله تعالى :" فما لهم عن التذكرة معرضين " ونحو ذلك ثم حذف الحرف فسد أن وصلتها ذلك المسد.
والحال في الأصل هو الجالب للحرف المقدر إلا أنه ترك إظهاره لدلالة المنصوب عنه عليه.
ومثل هذه الآية في التنزيل :" وما لكم ألا تأكلوا " أي : ما لكم في ألا تأكلوا.
ومن إضمار حرف الجر قوله تعالى :" ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك " أي : لأن آتاه الله الملك.
ومنه قوله تعالى :" ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " أي : إلا على إغماض فيه وعلى مع ومن حذف حرف الجر قوله تعالى :" ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ".
الذي عليه البصريون حذف المضاف على تقدير : كراهة أن تؤتي.
قال أبو علي : في الآية أن لا يخلو من أن يكون منتصباً بأنه مفعول به أو مفعول له فلا يجوز أن ينتصب بأنه مفعول به وذلك أن الفعل قد تعدى باللام إلى قوله :" لمن تبع دينكم " كما تعدى بها في قوله :" وما أنت بمؤمن لنا " فإذا انتصب هذا بأنه مفعول به لم ينتصب به مفعول آخر فإذا لم ينتصب بأنه مفعول به انتصب بالوجه الآخر والتقدير : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم : كراهة ذكر أن تؤتي أحد وذكر أن يحاجوكم.
والدليل على انتصابه بهذا الوجه : قوله في الآية الأخرى " وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم " وكما أن قوله ليحاجوكم في هذه الآية مفعول له وقد دخلت اللام عليه وكذلك قوله أو يحاجوكم عند ربكم منتصب بالعطف على ما هو مفعول له.
وهذه الآية عندنا على غير ما قاله الشيخ رحمه الله والتقدير : ولا تؤمنوا بأن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم إلا من تبع دينكم فالباء مضمر وأن يؤتي مفعول لا تؤمنوا واللام زيادة ومن تبع دينكم استثناء من أحد على التقدير الذي ذكرنا.