ويجوز أن يكون قوله لمن تبع دينكم من صلة تؤمنوا وإنما لا يتعدى الفعل بحرفين إذا كانا متفقين وأما إذا كانا مختلفين فالتعدى بهما جائز.
وقد استقصينا هذه المسألة في غير كتاب من كتبنا.
ومن ذلك قوله تعالى :" واختار موسى قومه " أي من قومه فحذف من.
ومنه قوله تعالى :" فقد جاءوا ظلماً وزوراً " أي : بظلم وزور فحذف الباء.
وإن زعمت على أنه ليس على حذف الباء وإنما هو من باب " والعاديات ضبحاً " لم يمكنك تقدير زور على لفظه وإنما تقدره : ظالمين مزورين فتعدل أيضاً عما تلزمنيه.
فقد ثبت أنه على تقدير : فقد جاءوا بظلم وزور.
ومنه قوله تعالى :" وضائق به صدرك أن يقولوا " أي : من أن يقولوا أي : يضيق صدرك من مقالتهم :" لولا أنزل عليه كنز ".
ومن ذلك قوله تعالى :" عتل بعد ذلك زنيم أن كان ذا مال وبنين " أي : لأن كان ذا مال فحذف اللام.
وفيما يتعلق به هذا اللام اختلاف واضطراب : في قول أبي علي مرة : هو متعلق بمحذوف ولم يعلقه بقوله " إذا تتلى " ولا بقوله قال الذي هو جواب إذا قال : لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبله.
قال في التذكرة : ومن لم يدخل همزة الاستفهام كان أن متعلقاً ب عتل وذلك كأنه القليل الانقياد وأنشد أبو زيد : وعتل داويته من العتل من قول ما قيل وقيل لم يقل فإن قلت : كيف جاز تعلقه بقوله عُتل وهو موصوف وما يعمل عمل الفعل إذا وصف لم يعمل عمله ألا ترى أنه لم يستجز ولم يستحسن : مررت بضارب ظريف زيداً وقد وصف عتل ب زنيم.
فالقول : إن ذلك إنما لم يستحسن لخروجه بالصفة إلى شبه الاسم وبعده من شبه الفعل وقد يعمل ما يبعد من شبه الأسماء نحو : مررت برجل خير منه أبوه وإن كان غير ذلك أحسن.
والإعمال في الآية له مزية وإن كان قد وصف وذلك أن حرف الجر كأنه ثابت في اللفظ لطول الكلام ب أن ولأن أن.
قد صارت كالبدل منه ومن ثم قال الخليل في هذا النحو : إنه في موضع جر وإذا كان كذلك فقد يعمل بتوسط الحرف.