وجاز ذا لأن المسلمين أحصروا إذ ذاك ويكون معكوفاً في بابه كمدرهم حيث لم يقل درهم ومفؤود للجبان و " ماء معين " ولم يقل : عين وكذلك لم يقل : عكف.
وإن حملته على وصدوكم كان فيه إضمار عن كالأول أو يكون من باب " اختار موسى قومه " أو يكون من باب : بمن تمرر أمرر ولم يحتج إلى : امرر به لجرى الأول.
فكذا لم يحتج إلى عن لذكره عن المسجد الحرام.
ومن ذلك قوله تعالى :" تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة " أي : لأن تكون.
فموضع أن نصب مفعول له.
وقدره الزجاج : بان يكون فحذف الباء.
ومن ذلك قوله تعالى :" فإن استقر مكانه فسوف تراني ".
أي : في مكانه.
وكذلك قوله تعالى " ليس عليكم جناح أن تبتغوا " أي : في أن تبتغوا.
لقوله :" وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به " فحذف في.
وقال :" وترغبون أن تنكحوهن " يجوز أن يكون : وترغبون في أن تنكحوهن لجمالهن ويجوز أن يكون : ترغبون عن نكاحهن لدمامتهن.
وأما قوله تعالى :" وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض " فقد قيل : التقدير : يستضعفون في مشارق الأرض أي.
جعلنا الذين يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها ملوك الشام ومصر.
وأنكر الطبري هذا القول واعتل بأنهم ما كانوا يستضعفون إلا في أرض مصر من جهة القبط.
وغلط الطبري لأنه ظن أنهم لا يكونون مستضعفين إلا بعد أن يقتل أبناؤهم وتستحيا نساؤهم ويلزموا أن يضربوا لبنا صلبا بلا تبن وليس كذلك لأنهم لما تفردوا بدين إبراهيم ولم يكن يدين به في ذلك الوقت أحد إلا وكانوا مدفوعين عندهم غير مقبولين ومقهورين غير مالكين.
ألا ترى أن قوماً منهم صاروا بعد بختنصر إلى أرض فارس وكانوا أذل من بها لمفارقتهم لهم في أديانهم.
والشأن في أنه أنكر هذا القول ولم يذكر هو شيئاً يعبأ به لأنه قال : أورثهم مشارق الشام وذلك مما يلي الشرق منها ومغاربها التي باركنا فيها.