وأما قوله تعالى :" ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم " فهو معطوف على المعنى لأن قبله " قد جئتكم.
ومصدقا لما بين يدي " أي جئتكم لأصدق التوراة والإنجيل ولأحل لكم ولتكملوا العدة.
نظيره في أحد القولين في سورة مريم عليها السلام :" ولنجعله آية للناس ".
والتقدير : قال : كذلك قال ربك ويكون " علّي هّين " لأخلقه من غير أب ولنجعله آية للناس.
وقيل : هو معطوف على قوله تعالى :" لأهَبَ لَكِ ".
وقيل : الواو في الآى كلها مقحمة.
ومثله :" وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث ".
والتقدير : ليستقيم أمره ولنعلمه.
مثله :" وكف أيدي الناس عنكم ".
أي : لتسلموا من أذاهم وشذاهم " ولتكون آية للمؤمنين ".
ومثله :" فبإذن الله وليخزي الفاسقين " أي : فبإذن الله ليظهر الحق.
قال أبو علي في قوله تعالى :" بوالديه إحساناً : في سورة الأحقاف في قراءة الكوفيين إحساناً منصوب بمضمر يدل عليه ما قبله وهو قوله " ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً " كأنه لما قال :" أخذنا ميثاق بني إسرائيل " قال : وقلنا لهم أحسنوا بالوالدين إحساناً.
كما قال :" وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة " فالجار يتعلق بالفعل المضمر ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر لأن ما يتعلق بالمصدر لا يتقدم عليه.
و " أحسن " يوصل بالباء كما يوصل بإلى يدلك على ذلك قوله تعالى :" وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن " فعداه بالباء كما تعدى بإلى في قوله تعالى :" وأحسن كما أحسن الله إليك ".
والتقدير أنه لما قال :" ووصينا الإنسان " وكان هذا الكلام قولا صار كأنه : وقلنا : أحسن أيها الإنسان بالوالدين إحسانا.
ووجه من قرأ في الأحقاف :" بوالديه حسناً " أن يكون أراد بالحسن الإحسان فحذف المصدر ورده إلى الأصل كما قال الشاعر : فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يهلك فذلك كان قدري أي : تقديري.