والمبتدأ جميعاً وعلى القول الثاني، حذف المبتدأ وحده فأما قوله تعالى "وأسروا النجوى الذين ظلموا" فقيل إن الذين ظلموا خبر مبتدأ مضمر، كأنه قال وأسروا النجوى قيل من هم؟ فقال الذين ظلموا، أي هم الذين ظلموا وقيل بل الذين ظلموا مبتدأ
وقوله تعالى "هل هذا إلا بشر مثلكم" في موضع الجر، وقيل هو بدل من الواو في وأسروا كقوله " ثم عموا وصموا كثير منهم" وقوله تعالى "إما يبلغان عندك الكبر أحدهما أو كلاهما" فيمن قرأ بالألف وقيل إن كثيراً منهم، مبتدأ وخبره عموا وصموا، أي كثير منهم عموا وصموا ومما لا يتجه إلا على إضمار المبتدأ قوله "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" فالجار يتعلق بمحذوف خبر ابتداء مضمر، وهو هو، أي هو ثابت في كتاب مبين، وإلا بمعنى لكن ولا يجوز أن يكون إلا في كتاب استثناء متصلاً بقوله "وما يعزب عن ربك" لأنه يؤدي إلى أن يكون يعزب عن ربك مثقال ذرة إذا كان في كتاب مبين، فثبت أن الجار خبر ابتداء مضمر وكذلك في سورة سبأ فكذلك قوله تعالى "ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب" أي لكن هو في كتاب ومن هذا الباب قوله تعالى "إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا" فمن رفع متاع كان خبر مبتدأ مضمر محذوف، أي ذلك متاع الحياة الدنيا قال أبو علي في قوله على أنفسكم يحتمل تأويلين أحدهما أن يكون متعلقاً بالمصدر، لأن فعله يتعدى بهذا الحرف يدلك على ذلك قوله تعالى "بغى بعضنا على بعض" و "ثم بغى عليه لينصرنه الله" فإذا جعلت الجار من صلة المصدر كان الخبر متاع الحياة الدنيا والمعنى بغى بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا، وليس مما يقرب إلى الله تعالى من الطاعات أن يجعل على متعلقاً بمحذوف في موضع الخبر، ولا تجعله من صلة المصدر؛ فإذا جعلته كذلك كان خبراً للمصدر وفيه ذكر يعود إلى المصدر، كما أنك إذا قلت الصلاة في المسجد، كان كذلك