ومن هذا الباب قوله تعالى "الحق من ربك" أي هذا الحق من ربك وقوله تعالى "فالحق والحق أقول لأملأن جهنم" أي قال فأنا الحق وأقول الحق ومن نصبهما قال فأقول الحق حقاً ومن رفعهما جميعاً قال فأنا الحق، وقولي لأملأن جهنم الحق، فيصير قولي في صلة الحق، ويرتفع الحق باليمين، وكأنه قال والحق يميني، ويكون الحق الأول خبر مبتدأ محذوف، على التقدير الذي ذكرنا ويجوز أن يكون المبتدأ والتقدير فالحق مني ويجوز أن يكون فيمن نصب الحق أن يكون حالا ل أملأن جواب قوله فالحق، ويكون قوله والحق أقول اعتراضاً بين القسم وجوابه، وجاز ذلك لأنه يوضح الأول، ويكون التقدير فبالحق لأملأن، كما تقول الله لأفعلن وأما قوله تعالى "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به" فلا يجوز ارتفاع قوله وصد عن سبيل الله من أن يكون بالعطف على الخبر الذي هو كبير، كأنه قال قتال فيه كبير وصد وكفر، أي القتال قد جمع أنه كبير وأنه صد وكفر أو يكون مرتفعاً بالابتداء، وخبره مضمر محذوف، لدلالة كبير المتقدم عليه، كأنه قال والصد كبير، كقولك زيد منطلق وعمرو أو يكون مرتفعاً بالابتداء والخبر مظهر، فيكون الصد ابتداء وما بعده من قوله وكفر به وإخراج أهله، مرتفع بالعطف على المبتدأ، والخبر قوله أكبر عند الله فلا يجوز الوجهان الأولان، وهما جميعاً أجازهما الفراء أما الوجه الأول فلأن المعنى يصير قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والقتال وإن كان كبيراً فيمكن أن يكون صداً، لأنه ينفر الناس عنه، فلا يجوز أن يكون كفراً، لأن أحداً من المسلمين لم يقل ذلك، ولم يذهب إليه فلا يجوز أن يكون خبر المبتدأ شيئاً لا يكون المبتدأ، ويمنع من ذلك أيضاً بعد "وإخراج أهله منه أكبر عند الله" ومحال أن يكون إخراج أهله منه أكبر من الكفر، لأنه لا شئ أعظم منه ويمتنع الوجه الثاني أيضاً، لأن التقدير فيه يكون قتال فيه كبير، وكبير الصد عن سبيل


الصفحة التالية
Icon