وبيت آخر في ديوان ابن الأعرابي ومن ذلك قوله تعالى "ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض" فقوله طوافون خبر مبتدأ مضمر، أي أنتم طوافون وقوله بعضكم بدل من الضمير في قوله طوافون أي أنتم يطوف بعضكم بعض هذا أيضاً من طرائف العربية، لأن الضمير في قوله طوافون يعود إلى أنتم وأبدل منه قوله بعضكم وقد مررت بك المسكين، ممتنع ولكن يكون من باب قوله وما ألفيتني حلمي وأوعدني رجلي وزعم الفراء أن التقدير هم طوافون، وأنت لا تقول هم يطوف بعضكم على بعض ولو قلت إن المبدل منه في تقدير الثبات كحاجبيه معين فربما يمكن أن يقال ذلك وحمل قوم قوله بعضكم على بعض على الابتداء والخبر، أي بعضكم من بعض، وجعل على بمنزلة من وقال قوم يدخل بعضكم على بعض، فأضمر يدخل لأن ذكر الطواف يدل عليه وأما قوله تعالى "قالوا سلاماً قال سلام" فقد قال أبو علي في نصب الأول إنه لم يحك شيئاً تكلموا به فيحكى كما يحكى الجمل ولكن هو معنى ما تكلمت به الرسل، كما أن المؤذن إذا قال لا إله إلا الله قلت حقاً، وقلت إخلاصاً، أعملت القول في المصدرين، لأنك ذكرت معنى ما قال ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكى، فلذلك نصب سلاماً في قوله قالوا سلاماً، لما كان معنى ما قيل ولم يكن نفس المقول بعينه وقوله قال سلام أي أمرى سلام، كقوله "فافصح عنهم" وقل سلام أي أمرى سلام، فحذف المبتدأ، وقدر مرة حذف الخبر، أي سلام عليكم، كما حذف من قوله فصبر جميل يبين ذلك قوله تعالى "قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم" وأكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام، وذلك أنه في موضع الدعاء فهو مثل قولهم خبر بين يديك؛ لما كان المعنى المنصوب استجيز فيه الابتداء بالنكرة ومن ذلك قوله تعالى "قال سلام عليك سأستغفر لك ربي" وقال "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم" وقال "سلام على نوح في العالمين" "سلام على إبراهيم" "وسلام على عباد الذين اصطفى" وقد جاءت


الصفحة التالية
Icon