بالألف واللام، قال الله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام "والسلام على يوم ولدت" فمن ألحق الألف واللام حمله على العهد، ومن لم يلحقه حمله على غير المعهود قال سيبويه وزعم أبو الخطاب أن قولك للرجل سلاماً وأنت تريد تسلماً منك، كما تقول براءة منك، تريد ألا ألتبس بشئ من أمرك وزعم أن أبا ربيعة كان يقول إذا لقيت فلاناً فقل له سلاماً فزعم أنه سأله، وفسر له معنى، براءة منك وزعم أن هذه الآية "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" بمنزلة ذلك؛ لأن الآية فيما زعموا مكية، ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين، ولكنه على قولك، براءة منكم، أو تسلما لا خير بيننا وبينكم ولا شر انتهت الحكاية عن سيبويه وفي كتاب أبي علي هذا غلط، وإيضاح هذا ووجهه أنه لم يؤمر المسلمون يومئذ بقتال المشركين، إنما كان شأنهم المناركة، ولكنه على قوله براءة ومما يقرب من هذا الباب قول عدي
أنت فانظر لأي ذاك تصير
ذكر فيه وجوهاً، منها حمله على حذف الخبر، أي أنت الهالك؛ ولم يحمله على حذف المبتدأ، على تقدير هذا أنت، لأنك لا تشير إلى المخاطب، إلى نفسه، ولا يحتاج إلى ذلك، فإنما تشير إلى غيره ألا ترى أنك لو أشرت إلى شخصه فقلت هذا أنت، لم يستقم وقال في حد الإضمار وزعم الخليل أن ها هنا التي مع ذا قلت هذا، وإنما أرادوا أن يقولوا هذا أنت، ولكنهم جعلوا أنت بين ها وذا وأرادوا أن يقولوا أنا هذا، وهذا أنا فقدموها وصارت أنت وأنا بينهما وزعم أبو الخطاب أن العرب الموثوق بهم يقولون أنا هذا، وهذا أنا وبمثلها قال الخليل هذا البيت
انا اقتسمنا المال نصفين بيننا | فقلت لها هذا لها وهذا ليا |