وأعجب من ذا جعله مصدقاً حالاً من نفس الحق، بعد أن قال في قوله "والسَّاعة لا ريب فيها" أنه يجوز أن يكون عطفاً على الضمير في حق وقال غيره وهو رضي به في قوله "إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" إن نصب مثل راجع إلى الضمير في لحَقّ فلم لا تجعل قوله مصدقاً حالاً من الضمير في قوله بالحق؟ ومثله "وبالحقِّ أنزلناه" حال من الضمير في أنزلناه وأما قوله "وبالحق نزل" فيحتمل الجار فيه ضميرين أحدهما أن يكون التقدير نزل بالحق؛ كما تقول نزلت بزيد ويجوز أن يكون حالاً من الضمير الذي في نزل ومثله "نزل به الروح الأمين" فمن رفع الأمين يكون الجار مثل الذي في مررت بزيد؛ ويكون حالاً، كما تقول نزل زيد بعدته، وخرج بسلاحه وفي التنزيل "وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به" أي دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ومثله "منزل من ربك بالحق" ألا ترى أن أنزلت يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا بنيته للمفعول لم يبق له متعدًّى إلى مفعول به وقوله من ربك على حد "ولما جاءهم كتاب من عند الله" وبالحق حال من الذكر الذي في منزل ومما جاء الجار فيه حالاً كما جاء في الآى الآخر "أنزله بعلمه" المعنى أنزله وفيه علمه كما أن خرج بعدته تقديره خرج وعليه عدته والعلم المعلوم أي أنزله وفيه معلومه ومثل ذلك قوله تعالى "ويوم تشقق السماء بالغمام" فالمعنى والله أعلم يوم تشقق السماء وعليها الغمام فالجار متعلق بمحذوف في موضع الحال كما تقول خرج زيد بثيابه ومنه قوله تعالى "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات" الجار في موضع الحال، أي ثابتاً منه آيات محكمات وآيات يرتفع بالظرف هنا على المذهبين ومنه قوله تعالى "وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً" أي ثابتاً فيه هدى ونور يدل عليه انتصاب قوله ومصدقاً ويرتفع هدى بالظرف في المذهبين ومن هذا الباب قوله "ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زيد مثله" قوله في النار لا يخلو من أن يكون متعلقاً ب يوقدون أو بمحذوف؛


الصفحة التالية
Icon