المعنى كلا يومي زيارة أمامة يوم صد أي إن زرناها لماما أو دراكا صدت عنا كلا يومي زيارتها ولو كان أبو الحسن حاضراً لم يستدل بقول الشماخ، وإنما يتبرك بقوله عزّ من قائل "وبالآخرة هم يوقنون" ألا ترى أن هم مبتدأ ويوقنون في موضع خبره، والجار، من صلة يوقنون وقدمه على المبتدأ ومثله "وفي النار هم خالدون" أي هم خالدون في النار وأما قوله تعالى "وهم بالآخرة كافرون" فليس من هذا الباب، لأن هم مبتدأ وكافرون خبره والجار من صلة الخبر وكذلك في هود ويوسف قوله "وهم بالآخرة هم كافرون" هم مبتدأ وكافرون الخبر، والجار من صلة الخبر، فكرر هم تأكيداً وسأعدُّه في جملة المكررات ومثله قوله "ومن قبل ما فرطتم في يوسف" ما فرطتم في موضع ابتداء، ولا يكون مرتفعاً بالظرف، لأن قبل لما بُني خرج من أن يكون خبراً ألا ترى أنه قال لا يبنى عليه شيء ولا يبنى على شيء فإذا لم يجز أن يكون مستقراً علمت أن قوله في يوسف وأن قوله من قبل معمول هذا الظرف الذي هو في يوسف وإن تقدم عليه، لأن الظرف يتقدم على ما يعمل فيه، وإن كان العامل معنى قوله أكلَّ يومٍ لك ثوبٌ؟ والتقدير لك ثوب كل يوم والتقدير وتفريطكم في يوسف من قبل، فوقع الفصل بين حرف العطف والمبتدأ بالظرف وإذا كان كذلك فالفصل فيه لا يقبح في الرفع والنصب كما قبح في الجر ويجوز ألا يكون ذلك فصلاً ولكن الحرف يعطف جملة على ما قبل وكما استدل أبو الحسن بجواز تقديم الخبر على المبتدأ بالبيت، استدل بجواز تقديم خبر كان على كان بقوله "قل أ بالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" والتقدير أكنتم تستهزئون بالله وقد جاء تقديم خبر كان، على كان، في قوله "وهو معكم أينما كنتم" وقوله "وهو معهم أينما كانوا" ف أينما في الآيتين خبر كان وكذلك في قصة عيسى "وجعلني مباركاً أينما كنت" فأما قوله "حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله" ف ما موصولة بمعنى الذي، والفعل بعده صلة له