وإن شئت كان البر بمعنى البار، فلا يكون من هذا الباب ولا وجه أن يكون التقدير ولكن البر بر من آمن، ليكون ابتداء الكلام على الحقيقة؛ لأنه إذا حذف منه ذا، أو جعل بمعنى البار، فعلى الوجهين يكون مغيراً عن أصله "فمن عفى له من أخيه شيء" أي من جناية أخيه، وتقديره من جنايته على أخيه والعفو التيسير دون الصفح، كالذي في قوله وآخره عفو لله، أي يسر له حيث قبلت الصلاة في آخره قبولها في أوله، لم تضيق على المصلى وقال في موضع آخر "فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان" الآية هذا في قبول الدية في العمد، أي من يسر له من أخيه القاتل فاتباع بالمعروف، أي ليتبعه ولى المقتول بالمعروف، فيتجمل في المطالبة، وليؤد المطالب ذلك منه إلى ولي المقتول بإحسان فلا يمطله ولا يبخسه فقوله تعالى "وأداء إليه بإحسان" مرتفع بالابتداء، وخبره له، هي مضمرة في تقدير الفاعل أن يؤدى إليه أخوه، والجار في بإحسان متعلق بمضمر في موضع حال والتقدير متلبساً بإحسان، أي محسناً ولا يتعلق بالمصدر نفسه، لأنه قد تعلق به إلى، والضمير في إليه، راجع إلى "مَنْ عُفِىَ لَهُ" ومن ذلك قوله "إنا لله وإنا إليه راجعون" أي إلى كرامته ومنه قوله تعالى "ولكم في القصاص حياة" أي في استيفاء القصاص، أو في شرع القصاص ومن ذلك قوله تعالى "الشهر الحرام بالشهر الحرام" أي انتهاك حرمة الشهر الحرام "والحرمات قصاص" أي ذات قصاص ومن ذلك قوله تعالى "الحج أشهر معلومات" أي أشهر الحج أشهر وإن شئت الحج حج أشهر وإن شئت كان الحج نفس الأشهر، مجازاً واتساعاً، لكونه فيها ومن ذلك قوله "قل فيهما إثم كبير" أي في استعمالهما ووقع في الحجة في استحلالهما، وهو فاسد، لأن استحلالهما كفر، واستعمالهما إثم


الصفحة التالية
Icon