الصرح من القوارير ماءً ذا لجة
وقال تعالى "بل أدارك علمهم في الآخرة" بمعنى أدرك ولحق؛ فالمعنى أنهم لم يدركوا علم الآخرة، أي لم يعلموا حدوثها وكونها ودل على ذلك "بل هم في شك منها بل هم منها عمون" أي من عملها ف في بمعنى الباء، أي لم يدركوا علمها، ولم ينظروا في حقيقتها فيدركوها، أي إدراك علمهم بحدوثها، بل هم في شك من حدوثها، بل هم عن علمها عمون ومن ذلك قوله تعالى "أجعلتم سقاية الحاج" أي صاحب سقاية الحاج وقال عز من قائل "وكأين من قرية" أي من أهل قرية "هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك" أي أخرجك أهلها ومن ذلك قوله تعالى "وعدكم الله مغانم" أي تمليك مغانم، ويراد به المفعول، لأن الحرث لا يؤخذ ومن ذلك "لقد صدق الله رسوله الرؤيا" أي تأويل الرؤيا؛ لأن الرؤيا إنما هي مخايل ترى في المنام وليس بحديث فيحتمل الصدق والكذب والتأويل حديث، فيحتمل الصدق والكذب، وصدق فعل يتعدى إلى مفعولين ومن ذلك قوله تعالى "لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله" أي من رهبة الله والمعنى يرهبونكم أشد مما ترهبون الله وهذا مثل قوله تعالى في صفتهم "ولكنهم قوم يفرقون" وقال عز من قائل "يحسبون كل صيحة عليهم" فوصفوا في ذلك بالجبن والفرق والتقدير رهبتهم لكم تزيد على رهبة الله فالمصدر المقدر حذفه في تقدير الإضافة إلى المفعول به ومن ذلك قوله تعالى "قوارير من فضة" أي من صفاء فضة ويكون قوله من فضة صفة للقوارير، كما أن قدروها صفة ومن ذلك قوله تعالى "وما أدرك ما العقبة" أي اقتحام العقبة ثم قال "فك رقبة" أي اقتحامها فك رقبة "ثم كان" أي إن كان، أي ثم كونه من الذين، فحذف أن كقوله "أحضر الوغى" ومن ذلك قوله تعالى "من كل أمر سلام" أي من كل ذى أمر ومن ذلك قوله تعالى "إن الذين هم من خشية ربهم" أي من خشية عقاب ربهم والخشية خوف فيه تعظيم للمخشى منه، بخلاف الإشفاق، فكأنه قال هم حذرون المعاصي من أجل خشية عقاب الله
الثالث


الصفحة التالية
Icon