وعقل المقتصد قبل الاقتصاد ممتنع وإنما يقدر في ذلك من يظهر منه الفعل فيحكم أنه عالم به وكذلك لو جعلناه جزاء فقلنا زيد إن ظهر منه الفعل المحكم فهو عالم، فهو محكوم له بالعلم بعد ظهور ذلك وكذلك قوله تعالى " فجاءها بأسنا بياتاً" لما أهلكها الله حكم بأن البأس جاءها بياتاً أو بالنهار ونحو هذا في القرآن والكلام كثير قال الله تعالى" فلم تقتلون أنبياء الله" والخطاب لليهود بعد قتل أسلافهم الأنبياء، على معنى لم ترضون بذلك؟ وقال عز من قائل "إذا زلزلت الأرض زلزالها" إلى قوله "فمن يعمل مثقال ذرة" الآية ومعلوم أنه لا يشترط في الآخرة شروط الثواب والعقاب وفي هذا جوابان أحدهما أن معنى "فمن يعمل" أي فمن يظهر ذلك اليوم في صحيفته خير أو شريرى مكافأته والآخر أن المعنى فمن يعمل في الدنيا ويكون كون الفاء بعد ذكر ما ذكر في الآخرة على معنى أن ما يكونه الله في الآخرة من الشدائد التي ذكرها توجب أنه من عمل في الدنيا خيراً أو شراً يره، كما يقول القائل الآخرة دار المجازاة فمن يعمل خيراً يره ولم يرد خيراً مستأنفاً دون ما عمله العاملون