فقد خاطبه بذلك وخصه به وقصره عليه وفي القول الأول إنما كان يخص المخاطب منه قدر ما يصيبه في جملة الجماعة الذين هو واحد منهم، وفي الثاني من القصد له والتوجه إليه ما قدمناه، وكان ذلك أبلغ وأفخم وأشد إرهابا وتعظيما واعلم أن إذا في هذا البيت على هذا التأويل الثاني ينبغي أن تكون متعلقة بنفس رمى ومنصوبة الموضع به، وليست مضافة إليه، بل هو في موضع جزم بها، كما يجزم بالشرط الصريح، كما أن يضع في البيت الثاني مجزوم ب متى، وهي منصوبة الموضع ب يضع نفسها من غير خلاف، فهو إذاً في الضرورة كقوله
ترفع لي خندف والله يرفع لي
ناراً إذا أخمدت نيرانهم تقد
فإن قيل فما الذي دعا إلى اعتقاد هذه الضرورة والدخول تحتها، وهلا حملت إذا على بابها من كونها مضافة إلى الفعل، كقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح، وقوله إذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه، وقول كعب
وإذا ما تشاء تبعث منها
آخر الليل ناشطا مذعوراً
ألا ترى أصحابنا يعتقدون أن الفعل بعد إذا هذه في موضع اسم مجرور، ولذلك رفعوه، أعنى لوقوعه موقع الاسم فالجواب أنا إنما ركبنا هذه الضرورة في اللفظ محافظة على صحة المعنى، وذلك إن إذا هذه واجبة، ألا تراهم يقولون آتيك إذا حمر البسر، ولا يجيزون، آتيك أن احمر البسر، لأن احمرار البسر واقع لا محالة، و إن مشكوك في فعلها، يجوز وقوعه ولا يجب، و متى كان في ذلك ليست بواجبة الفعل، ألا ترى إلى قول طرفة