وزعم أن إذا الأولى مبتدأ، والثانية في موضع الخبر، وكنا قديما ذكرنا أن العامل فيه قوله خافضة رافعة على تقدير فهي خافضة رافعة، أي إذا وقعت خفضت قوما ورفعت قوما، وأجزنا فيه أن يعمل فيه ليس لوقعتها كاذبة، وأن يعمل فيه اذكر، وأن يكون جوابه فأصحاب الميمنة وأما قوله تعالى فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذٍ يومٌ عسير، فالعامل فيه مدلول الكلام، أي عسر ذلك اليوم يومئذ، أو ذلك النقر يومئذ وأما قوله تعالى فإذا هي شاخصةٌ أبصار الذين كفروا، فقد ذكرناه في باب التقديم والتأخير وكذا أئذا ما مت لسوف أخرج حيًّا وأما قوله إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى، فقد تضع العرب إذا موضع إذ، و إذ موضع إذا، قال الله تعالى إذ الأغلال في أعناقهم، و إذ لما مضى، وإنما هذا حديث عما يكون في القيامة، إلا أنه لما حكى الحال قال إذ، حتى كأن المخاطبين بهذا حضور للحال، وفي هذا ضرب من تصديق الخبر، أي كان الأمر حاضرا لا شك وواقع لا ارتياب به وحكاية الحالين الماضية، والآتية كثير في القرآن والشعر منه قوله تعالى هذا من شيعته وهذا من عدوه، فقال هذا وهذا، ولم يقل أحدهما كذا والآخر كذا وكذا قول البريق الهذلي
ونائحة صوتها رائع... بعثت إذا ارتفع المرزم
فقوله بعثت إذا ارتفع المرزم، أي كنت موصوفا بأنني أبعثها إذا ارتفع المرزم وكذلك قول الشاعر
جارية في رمضان الماضي... تقطع الحديث بالإيماض
فأما قول كثير
فإذا وذلك ليس إلا حينه... وإذا مضى شيء كأن لم يفعل
حمل أبو الحسن هذا على الواو الزائدة، حتى كأنه قال فإذا ذلك وليس إلا حينه، وأنشد هذا البيت نفسه، وأنشد معه بيتا آخر، وهو قول الشاعر
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن... إلا كلمة حالم بخيال